السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خديجة بنت خويلد
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وأما بعد
السيدة خديجة بنت خويلد هي أول الزوجات وأكمل أمهات المؤمنين وأكثرهن اقتراناً به وأكثرهن تضحية لأجله وأكثر من عاشت معه من زوجاته. وأبسط ما يقوله المرء عن سيدتنا خديجة انها أصل الشرف صوب الكرم وطيب العنصر وعلو النسب ،إنها الكريمة الشريفة الطاهرة العفيفة الطيبة الحنون.
نشأتها وزواجها من النبي عليه الصلاة والسلام
كانت السيدة خديجة تاجرة، ذات مال، تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة، وقد بلغها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان صادق أمين، كريم الأخلاق، فبعثت إليه وطلبت منه أن يخرج في تجارة لها إلى الشام مع غلام لها يقال له ميسرة. وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وربحت تجارتها ضعف ما كانت تربح. أخبر الغلام ميسرة السيدة خديجة عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فدست له من عرض عليه الزواج منها، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأرسلت السيدة خديجة إلى عمها عمرو بن أسعد بن عبد العزى، فحضر وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس وعشرون سنة.
السيدة خديجة - رضي الله عنها - كانت أول امرأة تزوجها الرسول ، صلى الله عليه وسلم، وكانت أحب زوجاته إليه، ومن كرامتها أنها لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت [. أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله ، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة . فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم .
حبها لزوجها
ضربت أعظم الأمثال و أروعها في حبها لزوجها و إيثارها لما يحبه فعندما رأت أنه يحب مولاها زيد بن حارثة وهبته له..و لما آنست منه الرغبة في ضم أحد أبناء عمه أبي طالب رحبت بذلك و أفسحت لعلي رضي الله عنه المجال الأوفر ليكسب من أخلاق زوجها محمد صلى الله عليه و سلم.
حبّب الله سبحانه و تعالى إلى الصادق الأمين الخلوة ..فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده..فأخذ يعبد في غار حراء شهراً كاملاً من كل عام..و ما كانت السيدة الطاهرة ( خديجة ) لتضيق ذرعاً بهذه الخلوات التي تبعده عنها أحياناً..و ما كانت لتعكر صفو تأملات بفضول الأسئلة و القيل و القال بل حاولت أن تحوطه بالرعاية و الهدوء ما كان في البيت ، فإذا انطلق إلى الغار ظلت عيناها عليه من بعيد ، بل و ترسل وراءه من يحرسه و يرعاه دون أن يقتحم عليه خلوته.
إسلامها
لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة فحكى لها ما رأى فقالت : أبشر فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم أتت خديجة ابن عمها ورقة بن نوفل بن الحارث بن أسد بن عبد العزي بن قصي وكان شيخا كبيرا وكان قد عمي وتنصر بالجاهلية وكتب في التوراه والإنجيل فلما ذكرت خديجة أمر جبريل وما رأى ميسرة فقال ورقة : إنه ليأتيه الناموس الأكبر وهذا الناموس الذي أنزل على موسى .
هي أول من آمن بالله ورسوله، وأول من أسلم من النساء والرجال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة يصليان سراً إلى أن ظهرت الدعوة. تلقى رسول الله صلى الله عليه و سلم كثيراً من التعذيب والتكذيب من قومه، فكانت السيدة خديجة رضي الله عنها تخفف عنه وتهون عليه ما يلقى من أكاذيب المشركين من قريش. فلله درها
منزلتها عند رسول الله
كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله – تعالى – رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
وقالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزاً فأبدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمن بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني النساء، قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير نسائها مريم ابنة عمران ، وخير نسائها خديجة ). صحيح البخاري .
موت اطهر نساء العالمين
في العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها ، التي كانت للرسول صلى الله عليه وسلم وزير صدق على الإسلام ، يشكـو إليها وكان لها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله بنفسه في حفرتها وأدخلها القبر بيده فكان وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم- تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله – سبحانه وتعالى.
قد سلمت روح خديجة إلى ربها بعد أن ضربت أروع النماذج و أصدقها في الدعوة إلى الله و الجهاد في سبيله ..فكانت بحق الزوجة الحكيمة التي تقدر الأمور حق قدرها ، و تبذل من العطاء ما فيه إرضاء لله و لرسوله..و بذلك استحقت أن تبشر ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه و لا نصب.
أسأل الله لفتياتنا المسلمات أن يرزقهن طهر و عفاف وحنان وصبر أم المؤمنين خديجة ابنة خويلد رضوان الله عليها