السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتهالحياة قاسية، وأهوالها كثيرة ومصائبها جمة، والإسلام دين الحياة الاجتماعيةالسليمة،
يريد من أتباعه أن يكونوا كالطود الشامخ بل كالجسد إذا اشتكى منه عضوتداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
وفي ظل تلك الحياة يشعر المسلم بالطمأنينة والهناء، وترفرف عليه السعادة لشعوره بأنه لا يواجه الحياة بمفرده فيخطو بها الجليلة، فإن إخوته المؤمنين يمسحون آلامه ويقيلون عثراته، يعينونه برأيهم وهم له ناصحون ويمدونه بمالهم وهم عليه مشفقون، ويسعون معه وهم لخيره راغبون وفي كل ذلك يلتمسون الأجر والقرب منه تعالى.
روى الحاكم وقال صحيح الإسناد: «لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته، وأشار بأصبعه أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين».
وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كل مسلم صدقة. قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق. قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذاالحاجة الملهوف» [رواه البخاري ومسلم].
فالمسلم يساعد أخاه المسلم, بقدر إمكانياته بيده، بماله، بجاهه ولا يضيق به مؤثراً السكينة وقد أخلد إلى الراحة.. بينما نجد غيره من إخوته تؤرقهم الهموم، وتقض مضاجعهم المحن.. وبإمكانه أن يمسحها بشيء من الإيثار ولو على حساب راحته.
قد تحل بأحد المسلمين مشكلة فماذا يكون موقف الآخرين منها؟ لن نتحدث عن ضعاف الإيمان وإنما نتحدث عن الصفوةالتي نأمل منها الكثير.. وكثير من هؤلاء يواجهون المشكلة بهز الكتفين ولسان حال حدهم يقول:مالي ولهذا الأمر، فأشغالي أجل منها.
وفي أحسن حالاته يحوقل ويتأوه وكأنه يقول:ليس بالإمكان أحسن مما كان.
إن السلبية واللامبالاة لن تحل أمور المسلمين،وهذه التصرفات لابد أن نؤاخذ عليها.
فالنعمة التي خولها الله للعبد سيسأل عنها فيم وضعها؟ فكيف إذا سئل العبد يوم القيامة إن فلاناً المسلم كان في ضائقةوكان بإمكانك مساعدته، وخذلانك له في هذه الحاجة قد ألجأه إلى الرشوة ليحصل على حقه، إنك لو سعيت له في جاهك الذي حباك الله إياه لقضيت مصلحته ويسرت أمره وحلت دون لجوئه إلى الرشوة.
وكم من شاب قد ينحرف عن دينه لقضاء مصالحه عن طريق غيرالمسلمين إذا ساعدوه في المال !
وكم من أسرة تضرع بالدعاء إلى من مدلها يد العون وقد يكون من أعداء الإسلام!..
كم من أسرةن اشئة بنيت على غير مرضاة الله للتقصير في مساعدة الشباب على الإحصان الذي يدعو لهالشرع! كل ذلك في غيبة الوعي الفعلي والتقدير لقيمة العون.
والله تعالى يقول: {مَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا} [النساء 85].
فلا تظن أخي المسلم أن العبادة مقصورة على نوع من القربات يرسمها خيالك، إنها كل ما يحبه الله من قول أو عمل.
إن سيرك في حاجة أخيك المسلم إن أحسنت النية واحتسبت الأجر من الله قد تكون من أفضل ا لعبادات.
يقول ابن القيم رحمه الله في معرض ذكره للآراء في أفضل العبادات: ومنهم من رأوا أن أنفع العبادات وأفضلها ما كان فيه نفع متعدٍ.
فإلى قضاء مصالح المسلمين ينبغي أن ينشط الدعاة المخلصون في كل مكان، ولا تشغلهم عنها كثرة التبعات.
إن الفطرة السوية لن تنسى اليد التي امتدت إليها ساعة المحنة.
أيها الأخ الكريم المسلم يا من تريد النجاح في الدارين:إن الأمر سهل ميسور، إذا عودت نفسك على قضاء مصالح إخوانك ذوي الحاجات، ولن تنفع الخطب والمواعظ إذا تقاعست عن أداء حق الأخوة والدين.
عزيزتي الأخت المؤمنة: تذكري كلما حببت إليك نفسك الراحة والسكون، أن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه
لا تنسوني من دعواتكم